Skip to main content

( (3 والشاهدُ على درب الحقيقة يروي قصةَ مسيرةِ الألم

 

                                              المونسنيور د. بيوس قاشا

في البدء

اقول يارب منك الرحمة لضحايانا وشهدائنا في عراقنا الجريح واسكنهم خدرك السماوي مع الابرار والصديقين نعم وامين .

ويسرني ان اسرد اليكم ما كتبته عام 2010 وبالتحديد يوم 31 تشرين الاول  وما الكارثة التي حلّت بالمسيحيين بل بالعراقيين جميعا ساعة تفجير كنيسة سيدة النجاة  وقد الفّتُ كتابا عن الكارثة ب 666 صفحة ومن الحجم الكبير واعطيته عنوانا  " مريم العذراء .. سيدة النجاة ، سيدة الشهداء ، سيدة الضحايا الابرياء " وقدمته بتاريخ الاربعاء  11 كانون الثاني 2012 الى قداسة البابا بندكتس السادس عشر في قاعة بولس السادس - بحضور سعادة  السفير البابوي المونسنيور جورجيو لينغوا لدى جمهورية العراق انذاك -  فقال لي قداسته حينها وهو يقلب صفحات الكتاب : يا ابانا انت شاهد للحقيقة فاجبته واية حقيقة  ؟ قال هذه ، مشيرا الى الكتاب وهو يقلّب صفحاته .

        اليكم يا احبائي وبناء على طلب العديد من القراء الكرام ولاظهار حقيقة  الحدث الاجرامي ، لنتصفح الكتاب،  ونقرأ سوية الصفحة الاولى ، وساقوم مساء كل يوم بنشر صفحة من صفحات الكتاب الستة تباعا، , ، ولكم الشكر . نعم وامي.

في البدء

الصفحة الثالثة

الثلاثاء، الثاني من تشرين الثاني2010

        يوم الوداع... يوم الرحيل... يوم الفراق... يوم التشييع... يوم الصلاة... يوم الضحايا الأبرياء... يوم سيدة النجاة... سيدة الشهداء... أمّ الشهداء... الكارثة كبيرة بحجمها... قاسية بحلولها... فظيعة بدمائها... والسؤال: لماذا، ولماذا، ولماذا كل هذا؟... قالها يوماً شهيدنا، بل شيخ الشهداء، المطران بولص فرج رحو وهو يؤبّن الأب الشهيد رغيد كنّي، الذي سبقه إلى الأبدية: لماذا قتل الأبرياء من شعب العراق مسلمين كانوا أم مسيحيين أم؟... لماذا قتل المسيحيين؟... إنهم أناس مسالمون... إنهم أناس المحبة... لماذا هذا الحقد؟... لماذا هذه الكراهية؟... لم يقترفوا شيئاً... هل الجريمة كانت كونهم مسيحيون، أم ماذا؟... من أجل مناصب وكراسي وزعامات أم ماذا؟... سالت دماؤهم دون أي سبب، بعد إحتجازهم نحو ثلاث ساعات... كانوا حينها في دعاء البسطاء إلى رب السماء في قداس المساء... لم يفكروا أبداً أن أيادي الأشرار ستصل إلى هذه الساعة الرهيبة... وإن أقدامهم ستدنّس تلك الأرض المقدسة (خروج 12:99) ، ولم يخلعوا حتى نعالهم (خروج 23:344)، كون الشرّ قد ملك فيهم أميراً قاتلاً شريراً، لا رحمة في دواخله، ولا حنان لجاره، ولا إحترام لإنسانيته... إنه وحش مفترس إنقضّ على فريسة، على حَمَل بريء، بل على حملان بريئة... وكان ما كان.

        واصلت الساعة مسيرتها لتقترب من الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، الثلاثاء، الثاني من تشرين الثاني عام 2010، إنها ساعة لا يمكن أن تُنسى... إنها ساعة الذاكرة... وها هي كنيسة مار يوسف للكلدان في خربندة قد امتلأت بالمشاركين... قصدوها من كل حدب وصوب ليحملوا النعوش، ويرفعوا الصلوات، وعيونهم تذرف الدموع حباً وألماً وسؤالاً... وأيضاً، لماذا؟... لماذا؟... لماذا؟... هل أذنبنا وأذنبوا ضحايانا بشيء؟... هل اقترفنا نحن وضحايانا جريمة لا سمح الله؟... لماذا كل هذا العِداء؟... لماذا كل هذا الدمار؟... لماذا كل هذا؟... وهكذا حتى حانت الساعة الرابعة عشرة ظهراً والنصف حتى أخذ العديد من المسؤولين والمندوبين والرؤساء الكنسيين أمكنتهم على مذبح الكنيسة، والشعب حول النعوش والجثامين، جالسين وراكعين وواقفين، كما كان قسم آخر في صالة الكنيسة.

        ودقت ساعة الصفر... وصلاة الرحيل والوداع... صلاة الجناز والبخور... وكل مرة كان يتقدم نعش، كان خوري التشييع يعلن بصوت ملئ آهاتٍ وحسرات: هوذا شهيد آخر يُحمَلُ إلينا فلنصفق... ليعلو التصفيق، فكنتَ تسمع صوتاً واحداً بنغمة واحدة، ترافقه دموع المحبة والألم، فاختلط الفرح والألم في الحاضرين... إنها دموع الألم... إنه تصفيق الفرح... فرح الشهادة.

        وحلّ خمسة عشر جثماناً... نعشاً... تتقدمها نعشان للأبوين الكاهنين ثائر ووسيم... صُفَّت أمام مذبح الرب لتزيّنها أكاليل وورود وأزاهير... وابتدأ خوري التشييع يعلن عن بداية صلاة ترأسها نيافة الكاردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان، ومطارنة الكنائس الأجلاء وعدد كبير من الكهنة والرهبان والراهبات قَدِمُوا من العاصمة ومن شمال البلاد ومن موصل الحدباء... كما شاركت شخصيات سياسية وحزبية وجماهيرية... وابتدأت صلوات الجناز... وكانت هلاهل النسوة وتصفيق الحاضرين تقاطعها لتضع المصلّي في حيرة من أمره... فالحادثة، فاصلة في تاريخ المسيحية في بغداد، بل في العراق... ومسألة وجوده وبقائه مسألة وُضعت على المحك... بل وضعوها هم من أجل مآربهم. وبعد إكمال الصلوات الخاصة بالتجنيز والدفن والتشييع، إنبرى نيافة الكاردينال، وألقى كلمة قال وأكد فيها على القيم المسيحية الحقة، مبيّناً أن الإرهاب ليس من العراق، ومَن يقوم به يريد التفرقة بين المسيحيين والمسلمين في الوطن، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لأننا السكان الأصليين لهذه الأرض. مطالباً إياهم بالتماسك وعدم ترك العراق، والوقوف بوجه مَن يريدوا زرع التفرقة والفتنة بين مسلمي ومسيحيي العراق، كما دعاهم أن يكونوا صفاً واحداً مع المسلمين.

        ثم كانت كلمة المطران متي متوكه الذي أكد أن هذه الجريمة نكراء، وإن الذين قاموا بها ما هم إلا أناس أشرار يريدون الشرّ بالأبرياء، ويحتقرون الناس. فقد قتلوا كاهنين هما الأب ثائر والأب وسيم مع اثنين وخمسين ضحية... لماذا كل هذا؟... وطلب في ختام كلمته الرحمة لشهداء الكنيسة.

        ثم قرأ المونسنيور يوأنس لحظي جيد مستشار السفارة الفاتيكانية في بغداد رسالة الأب الأقدس البابا بندكتس السادس عشر هذا نصّها:

        سيادة المطران أثناسيوس متي متوكه رئيس أساقفة بغداد للسريان الكاثوليك

        لقد تأثرتُ بشكل عميق عندما سمعتُ بالموت العنيف لكثير من المؤمنين وللأب ثائر سعد الله عبدال وللأب وسيم صبيح القس بطرس، ولهذا أرغب في هذه اللحظات، الخاصة بالصلاة الجنائزية، أن أكون حاضراً روحياً معكم. وأصلّي من أجل أن تشمل رحمة السيد المسيح جميع هؤلاء الأخوة والأخوات فيجدون مكان في بيت الآب القدوس.

        منذ سنوات والعنف غير المتوقف يضرب هذا البلد الحبيب مخلّفاً آلاماً، وقد أضحى المسيحيون هدفاً لهجمات وحشية، هجمات تعبّر عن احتقار الحياة، الحياة التي هي هبة من الله تعالى، لا يجب المساس بها. فنحن نريد بناء الثقة والتعايش الأخوي.

        وها أنا أجدّد ندائي، لكي تكون ذبيحة إخوتنا وأخواتنا هؤلاء بذوراً للسلام ولميلاد جديد، ولكي يقوم كل الأشخاص، ولكي يجد في ذوي الإرادة الحسنة من الذين يريدون المصالحة، الأخوّة، والحياة المشتركة القائمة على المساواة، قوةً لكي يصنعوا الخير.

        ولتصل إليكم جميعاً، إخوتي وأخواتي الأعزاء، بركتي الرسولية لتعضيدكم، وبصفة خاصة لجميع الأخوة والعائلات الذين يمرّون بهذه اللحظات المؤلمة.

        وبعدها كانت كلمة الأب يوأنس مستشار السفارة البابوية وهذا نصّها:

        كتب ديوجنِس (حوالي القرن الرابع) في إحدى رسائله عن "السرّ المسيحي" أن "لا وطن، ولا لغة، ولا لِباس، يُميّز المسيحيين عن سائر الناس. لا يقطنون مدناً خاصة بهم... يُجارون عادات البلاد في المأكل والملبس ونمط الحياة... يُقيم كلّ منهم في وطنه، إنّما كغريبٍ عابر. يتمّمون واجباتهم كمواطنين، ويتحمّلون كلّ الأعباء كغرباء. كلّ أرضٍ غريبة وطنٌ لهم، وكلُّ وطنٍ أرضٌ غريبة... إنهّم في الجسد، ولكنهم لا يَحيون حسبَ الجسد. يَصرفونَ العمرَ على الأرض، إلاّ إنّهم مِن مواطني السماء. يمتثلون للشرائع القائمة، إلاّ أنّ نمطَ حياتهم يسمو كمالاً على الشرائع. يتودّدون إلى الجميع، والجميع يضطهدونهم ويتنكّرون لهم ويحكمون عليهم، وبموتهم يربحون الحياة. إنهم فقراء، وبفقرهم يُغنونَ الكثيرين. يفتقرون إلى كلّ شيء، وكلُّ شيءٍ فائضٌ لديهم. يحتقرُهم الناس، وباحتقار الناس إياهم يتمجّدون... يشتمونهم فيبارِكون، يُهينونهم فيكَرِّمون. لا يعمَلون إلاّ الصَلاح، ويُعاقَبون كالسفلاء، وفي عِقابهم يتهلّلون، كأنهم يُولدون للحياة... (يضطهدهم الجميع)... وإن سألتَ مُبغضيهم عن السببِ، فلا يعلَمُون".

        إنها كلمات تلخص "السر المسيحي"، سر المحبة الكاملة للجميع، سر الحياة المسيحية التي تقوم على الإيمان بأن الشهيد، بحسب الإيمان المسيحي، ليس مَن يقتل الآخرين بل مَن يقدّم حياته لأجل خلاص الآخرين... ليس مَن يفجّر الأبرياء ولكن مَن يضحّي بحياته لإنقاذ كل حياة... ليس مَن يدافع عن إله كاذب، فالإله الحقيقي يدعو للمحبة ولا يحتاج إلى مَن يدافع عنه... الشهادة في المسيحية هي التشبّه بالسيد المسيح الذي قدّم ذاته ليخلص الجميع.

        لقد أكد قداسة البابا بالأمس أن السلام هو عطية إلهية ولكنه أيضاً ثمرة لمجهودات ولعمل ذوي الإرادة الحسنة، ولهذا يجب على الجميع تحمل مسئوليتهم ومسئولياتهم والتحرك السريع والمدروس لحماية كل دور العبادة، مسيحية وغير ومسيحية، وحماية الجماعات المسيحية المستهدفة. وقد أكد قداسة البابا أيضاً رفضه لهذا العمل الخسيس والحقير لاسيما وأنه استهدف مصلّين أبرياء لم يرفعوا قط أصواتهم ضد أحد ولم يحملوا قط سلاحاً في وجه أحد... كل ذنبهم أنهم "مسحيين"... كانوا يصلّون من أجل السلام والمصالحة... فويلٌ لأمة لا تستطيع حماية أبنائها الأبرياء.

        ولهذا فنحن نقدّم تعازينا القلبية لأهالي الشهداء ولكل أهل العراق الطيبين والمسالمين ولكل عراقي حُرّ ولكنيسة السريان الكاثوليك التي فقدت كمّ هائل من أبنائها الغاليين من آباء كهنة وشعب مسيحي... ونقدم عزاءنا لشهداء الشرطة ولرجال الأمن المخلصين.

        ونشكر جميع الذي اتّصلوا وقدّموا العزاء من الدول الصديقة وجميع مَن شرّفونا بحضورهم من المسئولين ومن الدبلوماسيين ومن أهل العراق الحزين.

        وليحفظ الرب العراق وجميع العراقيين. ثم قُرئت كلمة رؤساء الطوائف المسيحية في العراق. كما ألقى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى السيد عمار الحكيم كلمة أشار فيها إلى الفاجعة الأليمة التي ألمّت بالوطن في هذا الحادث الأليم، فتحت جرحاً أليماً في نفوس كل العراقيين. وإن الحزن والألم والعزاء ليس للمسيحيين فقط بل لكل العراقيين. فهذا عزائنا جميعاً وألمنا جميعاً مسيحيين ومسلمين وصابئة وايزيديين وكل القوميات والديانات والمذاهب في العراق وكل مواطن بالعراق هم معزى في هذا اليوم. وأوضح أن هؤلاء الأبرياء استُهدفوا وهم يصلّون لله، فالإرهاب يقتل المسلم والمسيحي والصابئي والإيزيدي بظلم، فهؤلاء الإرهابيين الدين منهم براء. وأقول لهؤلاء المجرمين: مهما قتلتم فينا ونكلتم بأبناءنا واعتديتم على حرماتنا فذلك لن يزيدنا إلا إصراراً على إعمار وبناء هذا البلد. والمسيحيين ليسوا جزءاً طارئاً على هذا البلد وهذه الأمّة بل هم الشركاء الأساسيين للوطن وسوف ندافع عنهم وعن ممتلكاتهم وأعراضهم، وأقول لإخوتي وأعزائي المسيحيين أن الرسالة التي تقدمونها لهؤلاء الإرهابيين الظلاميين هي بقاؤكم وثباتكم وإصراركم على الثبات في هذا البلد الكريم.

        وقد أكد زعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم خلال حفل التأبين لشهداء كنيسة سيدة النجاة في كنيسة مار يوسف ببغداد إن "الحزن على ضحايا الكنيسة ليس حزن العوائل المسيحية على عوائلها فقط بل هو حزن كل العراقيين, وإن ضحايا أبناء الشعب المسيحي هم ضحايا العراق كون المسيحيين ليسوا جزءاً طارئاً على العراق بل هم من أبناءه الأصلاء".

        ودعا الحكومة والقوات الأمنية إلى ضرورة التحقيق في ما حصل وتعويض العوائل, واعداً أبناء الشعب المسيحي في العراق بتحقيق الأمن لهم ولدور عبادتهم, مطالباً إياهم بالتماسك وعدم ترك العراق والوقوف بوجه مَن يريدون زرع التفرقة والفتنة بين مسلمي ومسيحيي العراق.

        ولفت إلى أنه "إذا كان ذوي الشهداء المسيحيين يعتقدون أنهم أصحاب العزاء فهم مخطئون, وإن كان المسيحيون في العراق يعتقدون أنهم أصحاب العزاء فهم مخطئون أيضاً, بل إنه عزاء العراقيين جميعاً, مسيحيون ومسلمون صابئة وإيزيديون من كل القوميات والديانات, وكل مواطن في العراق هو معزّى لما حصل لإخوته المسيحيين".

        وأشار إلى أن الضحايا الذين استُهدفوا كانوا يمارسون طقوسهم الدينية وهذا أبسط حق من حقوقهم, وكانوا يصلّون لربهم, وهي ظلامة أخرى للإرهابيين تضاف إلى ظلاماتهم, منادياً رب العالمين بالقول:"يا ربنا أنت شاهد على ظلاماتنا وتجد كيف أن المسلم والمسيحي والصابئي والايزيدي يتعرضون إلى القتل على أيدي الإرهابيين".

        وتابع الحكيم: إن الإرهاب الذي استهدف الأبرياء من المسيحيين العزّل لا دين له, وإنهم استهدفوا المسيحيين لإنسانيتهم, ولأنهم أرادوا الحياة في بلدهم العراق, وإن رسالتهم في تأدية طقوسهم هي رسالة الحياة.

        وبعث الحكيم برسالة إلى الإرهابيين من خلال كلمته قائلاً:"مهما فعلتم فينا، ومهما نكّلتم في أبناء شعبنا, ومهما اعتديتم على حرماتنا, فإن ذلك سوف لن يزيد العراقيين إلا إصراراً على الإعمار والبناء في العراق والبقاء فيه".

        ولفت زعيم المجلس الأعلى إلى أن المسيحيين ليسوا جزءاً طارئاً على العراق بل هم شركاء أساسيين في بناء العراق, وسوف ندافع عنهم وعن حرمتهم وعن أعراضهم وممتلكاتهم مهما كلف الأمر.

        ودعا المسيحيين في العراق إلى التمسك ببلدهم وثباتهم وتماسكهم وإصرارهم للبقاء في العراق ليكون ذلك شوكة في عين الإرهاب ومَن يريد زرع الفتنة بين أبناءه من الإسلام والمسيحيين, داعياً إلى تراصف الصفوف العراقية بكافة طوائفها وقومياتها ودياناتها, والتماسك ووضع اليد باليد من أجل العراق وشعب العراق وبناءه. ومن أجل الدفاع عن العراق والإعمار, ومن أجل أن ينطلق العراق إلى الأمام ليكون اسمه شامخاً في المنطقة والعالم. وطالب الحكيم بضرورة تعويض العوائل والعمل الجاد من قِبَل قوات الأجهزة الأمنية على توفير الحماية الكافية للكنائس ودور العبادة ولكل المسيحيين في العراق.

        بعدها ألقى الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ كلمة بالمناسبة الأليمة وقال: إن الحكومة تعمل جاهدة وستعمل أكثر على توفير الأمن والأمان لدور العبادة والكنائس وتوفير الحماية اللازمة وتعويض مَن تضرروا من جراء الإستهداف الغاشم على كنيسة سيدة النجاة، وإنها فتحت تحقيقاً في ما حصل ولن تتوانى في كشف الحقائق أمام الشعب العراقي والرأي العام في مثل هذه الجرائم. ودعا المسيحيين في العراق إلى تفهم الوضع وما يحصل، وأن لا يتأثروا بما يريد الإرهاب والمجرمين من وراء أفعالهم الإجرامية.

        كما عبّر الناطق باسم الحكومة عن أسف الحكومة الشديد لما حصل بحق المسيحيين الأبرياء العزّل وما طالهم من استهداف أثناء تأديتهم لمراسيمهم الدينية. وقال الدباغ:"إن الإرهابيين وبفعلتهم الشنيعة واستهدافهم لمواطنين عزل واعتقالهم واحتجازهم وقتل عدد منهم لن يمكنهم من زرع الفتنة والفرقة بين مسلمي العراق ومسيحييه. وإنهم لن يستطيعوا أن يحدثوا أي شرخ بين العراقيين بمختلف دياناتهم".

        وأضاف الدباغ: إن مسيحيي العراق هم أبناء العراق الأصلاء ولهم مثل ما لكل الطوائف والقوميات والديانات من حقوق، وإن العراق بلدهم ولن يتمكن أي مجرم أو إرهاب من إخراجهم منه، هم يحاولون بفعلتهم هذه أن يجعلوا المسيحيين يغادرون العراق، لكننا نعتقد أنهم لا يمكن أن يتركوا بلدهم الذي ولدوا وعاشوا فيه.

        ثم كان التبخير ورش ماء الحياة... ليُبرد أجسامَ الفتية في آتونهم... هو يمهد الطريق ليدخلوا ضحايانا باب السماء... ولتكن دماؤهم غفراناً لنا ولهم... ثم تُليت صلاة الختام.

        وكانت الخاتمة بتصفيق حار صعد كبخور إلى حيث رب السماء... وحُملت النعوش إلى مثواها الأخير... والعيون دامعة... والأكفّ مصفّقة... والبكاء علامة... إنها ساعة ما أصعبها وما أقساها، ولكن ما أحلاها حينما نكون في سعادة الله في الأبدية، كقول يسوع:"تعالوا إليّ يا مباركي أبي، رثوا المُلْكَ المُعَدّ لكم منذ إنشاء العالم". و"حيث أكون أنا تكونون أنتم" (يو 76:090). ونُقل جثمانا الكاهنين ثائر ووسيم الى كنيسة سيدة النجاة حيث أودعا مدفن الكهنة، أما الجثامين الأخرى فنقلت إلى المقبرة العامة .

وأُسدل الستار عن مشهد أليم، ليوم لا تنساه الذاكرة، وعن كارثة لم تكن في الحسبان ولم تخطر على بال... نعم، لقد كانت حالة فاصلة... بل حدثاً ولا أفجع.