Skip to main content

( (6-4 والشاهدُ على درب الحقيقة يروي قصةَ مسيرةِ الألم

                                              المونسنيور د. بيوس قاشا

في البدء

اقول يارب منك الرحمة لضحايانا وشهدائنا في عراقنا الجريح واسكنهم خدرك السماوي مع الابرار والصديقين نعم وامين .

ويسرني ان اسرد اليكم ما كتبته عام 2010 وبالتحديد يوم 31 تشرين الاول  وما الكارثة التي حلّت بالمسيحيين بل بالعراقيين جميعا ساعة تفجير كنيسة سيدة النجاة  وقد الفّتُ كتابا عن الكارثة ب 666 صفحة ومن الحجم الكبير واعطيته عنوانا  " مريم العذراء .. سيدة النجاة ، سيدة الشهداء ، سيدة الضحايا الابرياء " وقدمته بتاريخ الاربعاء  11 كانون الثاني 2012 الى قداسة البابا بندكتس السادس عشر في قاعة بولس السادس - بحضور سعادة  السفير البابوي المونسنيور جورجيو لينغوا لدى جمهورية العراق انذاك -  فقال لي قداسته حينها وهو يقلب صفحات الكتاب : يا ابانا انت شاهد للحقيقة فاجبته واية حقيقة  ؟ قال هذه ، مشيرا الى الكتاب وهو يقلّب صفحاته .

        اليكم يا احبائي وبناء على طلب العديد من القراء الكرام ولاظهار حقيقة  الحدث الاجرامي ، لنتصفح الكتاب،  ونقرأ سوية الصفحة الاولى ، وساقوم مساء كل يوم بنشر صفحة من صفحات الكتاب الستة تباعا، , ، ولكم الشكر . نعم وامي.

الصفحة الرابعة

الأربعاء، الثالث من تشرين الثاني2010

        إنه اليوم الثاني بعد تشييع ضحايا الكارثة...

        وبعد ليلٍ طويل من الألم والنزاع كما قال ربنا يسوع:"إن نفسي حزينة حتى الموت" (تمنت 867:90)... الحقيقة لم نكن نفكر يوماً أن الموت سيجابهنا بهذه القساوة، ولكن للرب شؤون... وفي وقت لا نعلمه (مكنم 98:98)... إبتدأ هذا الصباح بالذبيحة الإلهية بمناسبة صلاة اليوم الثاني التي أقيمت في الكنيسة نفسها... كنيسة مار يوسف للكلدان في خربندة... وقام بخدمة القداس كهنة وشمامسة قَدِمُوا لموآساتنا ومشاركتنا الألم، ومقاسمتنا مقياس الحزن الذي خيّم على كنيسة العراق عامة وعلى أبناء الأبرشية السريانية في بغداد خاصة... ويُشهَد هنا للأب بيوس عفاص الذي قاد جوق الشمامسة البغداديين والمصلاويين، في خدمة نافورة الذبيحة الإلهية.

        من جانب آخر، لا زال المؤمنون والمسؤولون وأصحاب المناصب والكراسي يترددون إلى كنيسة سيدة النجاة ليروا بأمّ أعينهم الفاجعة التي آلمت بكنيسة السريان، ويقيّموا مدى الحقد الذي يدخل قلوب الأشرار ليبيد كل شيء، ويقتل كل شيء، صالحاً كان أم طالحاً.

        كل شيء يبكي أمام الزوّار... جدران الكنيسة الملطَّخة بدماء الأبرياء... سقف الكنيسة المصبوغ بدماء المصلّين... مذبح الكنيسة، قدس الأقداس، الذي فيه فجّر الإرهابي نفسه فدنّسه بدمائه الفاسدة والمليئة بحقد الآخر الذي ليس من دينه أو مذهبه أو ليس تابعاً له... وهناك متطوعون كثيرون يلملمون ما خلّفته الهجمة الوحشة، ويُخرجون من الكنيسة آنيتها ومصطباتها ولوازمها لتضع محلاً جانباً... يا رب ما أقدس اسمكَ، وما أجمل أحباءكَ، وما أقوى شجاعة أبنائك... فلتكن مشيئتك (نتن 66:08).

الصفحة الخامسة

الخميس، الرابع من تشرين الثاني2010

        إنه اليوم الثالث والسابع كما يُسمّى في طقوسنا الشرقية ومسيرة شعبنا، حيث تحتفل الكنيسة بالذبيحة الإلهية بهذه المناسبة، ذاكرةً ضحايا كنيسة سيدة النجاة. وأيضاً أُقيمت الذبيحة في كنيسة مار يوسف للكلدان في خربندة... هيّأ للقداس كاتب هذا المقال، ثم ترأسه مطران الأبرشية، واشترك فيه العديد من الأخوة الكهنة، وبحضور أهالي وأبناء وأقرباء الضحايا. بعدها توجه الجميع إلى مدافن كنيسة سيدة النجاة التي تأخذ محلاً تحت مذبح الكنيسة (السرداب)، وهناك تُليت صلاة التشمشت والجناز، ورافقها وضع البخور... وهكذا طُويت الصفحة الأولى من الألم، ومع هذا لا يمكن لأحد أن ينسى ما حدث.

        والمؤلم في ذلك أن الجميع يتحدثون عن الرحيل وعدم البقاء، سائلين: لماذا البقاء في بلد لا يحمي شعبه وأبناءه؟... ما الذي عمله لنا الوطن؟... منذ سنين نحن نعاني الحروب والحصار والإحتلال، واليوم حلّت الكارثة... ومن جانب آخر أصوات الأحباء كثيرة، ارتفعت هنا وهناك، نحن معكم... سنحميكم... لا ترحلوا... فالبلد بدونكم لا يمكن أن يستمر... وكلام كثير هنا وهناك.

        واليوم ظهراً كان موعد وفد رؤساء الكنائس مع سعادة دولة رئيس الوزراء نوري كامل المالكي، ليشرح له ما حلّ بالأبرياء الذين ذهبوا ضحية الشر والإرهاب. ضمّ الوفد كل من: نيافة الكاردينال البطريرك عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان، المطران متي متوكه مطران السريان الكاثوليك، المطران آفاك أسادوريان مطران الأرمن الأرثوذكس في العراق، المطران شليمون وردوني المعاون البطريركي الكلداني، الخورأسقف بيوس قاشا حيث كان الشاهد الأول والوحيد في ما حصل وما حملته المجزرة المخيفة، وكيف دخل مع الجنود وهم يقتحمون الكنيسة... إنها عناية ربانية... وقد روى للحاضرين كيف رأى عدّة رمانات ملقاة هنا وهناك، وكيف أن الإرهابي كان لا يزال دمه ينزف ساعة الإقتحام، وكيف أبعد عن المذبح المقدس (قدس الأقداس) قطع من جسم الإرهابي ووضعه جانباً بعيداً عن المذبح، وكيف رافق جنود الإطفاء والدفاع المدني وساعدهم في حمل حمّالة المرضى وإخراجهم إلى حيث سيارات الإسعاف، وكيف استطاع أن يُحصي الضحايا البريئة، وأخرى كثيرة.

        جاء ذلك خلال استقبال سيادته بمكتبه الرسمي اليوم وفداً من الطائفة المسيحية برئاسة الكاردينال مارعمانوئيل دلي رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم... وقال رئيس الوزراء خلال اللقاء: أعزّيكم وأعزّي جميع العراقيين وأبناء شعبنا من الطائفة المسيحية ونعزي أنفسنا بهذا المصاب، ونحن نعتز كثيراً بأبناء الطائفة المسيحية ونبذل قصارى جهودنا لتوفير الحماية اللازمة للكنائس وجميع دور العبادة، ليعيشوا في وطنهم بأمان واستقرار ويساهموا في بنائه وإعماره والدفاع عنه، ومستعدون لتلبية جميع المطالب والإحتياجات التي تخص أبناء الطائفة المسيحية العزيزة. من جهته قال الكاردينال مار عمانوئيل دلي: نحن جزء من الشعب العراقي الأصيل، ونعيش مع جميع طوائفه متحابين ومتعاونين فيما بيننا، وإن الأعمال الإرهابية لن تنجح في إبعاد المسيحيين عن وطنهم، ومن واجبنا العمل في وطننا والتمسك به والمساهمة في بنائه وإعماره جنباً إلى جنب مع بقية أابناء الشعب العراقي .

         نعم، لابدّ من القول: فقبول التعازي لأيام الألم والحزن، حيث قصد العديد العديد... مسؤولين ومواطنين، مسلمين ومسيحيين وديانات أخرى، قاعة كاتدرائية مار يوسف للاتين (السنتر)، حيث قُبلت التعازي، ومن كل حدب وصوب... جمعيات... حركات سياسية واجتماعية... لجان... منظمات رجالية ونسائية... أفراد... وفود ومبعوثون... ولمدة ثلاثة أيام حضرها مطران وكهنة أبرشية السريان وأهالي الضحايا الذين بعض منهم قبلوا التعازي في بيوتهم الخاصة وفي قاعات أخرى لكنائس مختلفة... وفي قاعة السنتر، كانت التعزية مخصصة للأبوين ثائر عبدال ووسيم القس بطرس.

الصفحة السادسة

الجمعة، السابع من كانون الثاني2011

        تكريماً لشهداء وضحايا سيدة النجاة الأبرياء، أقامت رعية مار يوسف في المنصور قداساً إحتفالياً احتفل به الخورأسقف بيوس قاشا وشارك فيه أبناء وأهالي الضحايا والشهداء. وقد ألقيت بالمناسبة عظة قيّمة عن العطاء ورسالة الشهداء وبذل الدم ورسالة الألم، شهادة لِمَا يحمله الإنسان من معاني المحبة. وبعد القداس التقى خوري الرعية أهالي الشهداء في قاعة الكنيسة، وتبادلوا كلمات العزاء والمحبة وسموّ التضحية التي حملت شهدائنا إلى سماء الأبرار والقديسين. ختاماً الراحة الابدية أعطهم يارب ونورك الدائم فليشرق عليهم أمين .