
السيدة وردا: النساء والشباب هم الشريحتين في المجتمع التي لا يمكن التواصل في تهميشهم والاستهانة بقدراتهم في بناء المستقبل وصنع السلام.
شاركت السيدة باسكال وردا، رئيسة منظمة حمورابي لحقوق الإنسان، في منتدى الحوار بين الأديان من أجل السلام والتعايش المشترك، الذي أُقيم في محافظة نينوى – العراق، على مدى يومي ٢٨ و٢٩ نيسان ٢٠٢٥، في قاعة المنتدى العلمي بجامعة الموصل.
وقد ألقت السيدة باسكال وردا صباح يوم ٢٩ نيسان، محاضرة بعنوان “دور النساء والشباب في تعزيز قيم المواطنة والسلم المجتمعي”، حيث تناولت تقديم الموضوع من منظور حقوقي ، وأعطت تعريفا عميقًا للمفاهيم المرتبطة بالمواطنة، والتعايش، ودور الشرائح الفاعلة في المجتمع.
وشهدت المحاضرة تفاعلاً كبيرًا من الحاضرين، خصوصًا مع تأكيدها على أهمية إشراك النساء والشباب بوصفهم الشريحتين اللتين تمثلان أكثريةالمجتمع العراقي والتي لا يمكن التواصل في تهميشهم والاستهانة بقدراتهم كونهم بناة المستقبل والاكثر المعنيين للدخول في صلب عملية بناء السلام والتنمية والمشاركة في اتخاذ القرار.
وفي جلسة الافتتاح القى الدكتور وحيد محمود الإبراهيمي رئيس جامعة الموصل، شدّد فيها على أهمية التعايش السلمي المجتمعي في نينوى، وضرورة عدم تهميش أي مكوّن من مكوناتها المجتمعية.
كما ألقى الأستاذ اميليانو ستورنللي، رئيس مجلس الدين والأمن الايطالي، كلمة أكد فيها على حرص استمرار دعم مؤسسته لجهود السلام والتعايش في نينوى والعراق عموماً، باعتبارهما ركيزة للاستقرار.
السفير توماس سيلر، سفير الاتحاد الأوروبي في العراق، ألقى كلمة وصف فيها المنتدى بأنه نقطة تحوّل نحو إرساء السلام الدائم في نينوى، من خلال احترام جميع الأديان والخصوصيات المتعايشة.
وتخلل الجلسة الاولى مداخلات عديدة من شخصيات وخبرات مهمة في نينوىوخارجها، من بينهم الشيخ رامي أبو وادي، مدير مديرية مكافحة الإرهاب والتطرف الفكري في نينوى ، حيث ألقى محاضرة مهمة عن بناء السلام وترسيخ قيم العيش المشترك ودور القيادات الدينية .
كما ألقى الأستاذ الشيخ هادي بابا شيخ ، ممثل عائلة المرجع الديني السابق للديانة الإيزيدية في العالم، محاضرة مهمة تناول فيها التحديات المرتبطة بروح التطرف، وأثرها السلبي على المجتمع، خاصةً عندما ترتكز على نزعة قومية وانتقاص من أهمية الاديان غير المسلمة ، وأكد في حديثه على أهمية إبراز النقاط المشتركة بين الأديان، وأثرها في تحقيق التفاهم وبناء الثقة المجتمعية.
وأيضا حاضر في هذه الجلسة الشيخ حسن علي صالح الطائي، معتمدالمرجعية في المحافظة، وشارك أيضًا الشيخ عبد الغفار صابرخورشيد عضو هيئة التصالح الاجتماعي في وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في اقليم كردستان وزميل كاسيد، الذي سلط الضوء على دور التصالح الاجتماعي في ترسيخ الاستقرار، مشيرًا إلى أهمية التعاون بين وزارة الأديان والجهات المختصة في الشأن الديني.
كما خُصصت الجلسة الثانية لبحث“دور الجهات الدولية في ضمان بيئة مستقرة لتعزيز القيم والحوار”، شارك فيها مسؤول قوات الحشد الشعبي في نينوى ومدير الأمن الوطني في المحافظة، وممثل قوات البيشمركة في نينوى.
وقد أدار الجلسة الدكتور هاشم عبد الرزاق، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة الموصل، حيث تناول النقاش التحديات الأمنية وآفاق العمل المشترك بين الجهات الوطنية والدولية لترسيخ الأمن المجتمعي.
وتضمّن برنامج المنتدى أيضًا زيارات ميدانية أبرزها زيارة إلى جامع النوري ، حيث تم الاطلاع على جهود إعادة الإعمار، خصوصًا منارة الحدباء التي تعرضت لدمار كبير جراء هجمات تنظيم داعش. كما زار المشاركون كنيسة الطاهرة المدمرة بعد الهدم الكلي الذي اصابها بأيدي مجرمي داعش، ومؤسسة تراث الموصل حيث اطلع المشاركون على الحياة البسيطة في الموصل.
اما اليوم الثاني من المنتدى، تناول بحث "العيش في نينوى ، واقع وتحديات" ، شارك فيه عدد من الأكاديميين والمهتمين، من بينهم الدكتور محمد عزو حامداستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل ، ركزت النقاشات على مفهوم العيش المشترك في نينوى، وأهمية ترسيخه من خلال التعليم، والمبادرات الشبابية، والانفتاح بين الأديان. شارك في جلسات اليوم الثاني كل من الأستاذ الدكتور خالد محمود حمي الاكاديمي والباحث في الشؤون الاجتماعية في جامعة الموصل والأستاذ يوحنا يوسف توما رئيس منظمة اغاثة نينوى متناولا تجربة منظمته في دعم مقومات السلام ، والسيد خضر الدوملي من مركز دراسات السلام وحل النزاعات، والذي تحدث عن النزاعات المجتمعية ودور التعليم في الحد منها، مستعرضًا تجربة جامعة دهوك في هذا المجال.
أدار هذه الجلسة الأستاذ الدكتوررقيب محمد جاسم الطائي، أستاذ القانون الدولي العام في جامعة الموصل، حيث جرى نقاش معمق حول العلاقة بين القانون، والسلم، والعدالة المجتمعية.
وفي الجلسة الرابعة، ألقت السيدة باسكال وردة كلمةً مهمة تناولت فيها تصاعد معدلات الجريمة والتطرف، مع التركيز على دور المرأة في مواجهة هذه التحديات، وتعزيز ثقافة السلم الذاتي والمجتمعي. كما شارك في هذه الجلسةالدكتورة نغم نوزاد، مديرة منظمة الامل للمرأة والدكتور عبد الكريم محمد عبيدالجربا، المتخصص في التخطيط الاستراتيجي مدير جمعية التحرير للتنمية، حيث تحدث عن أهمية الحلقات المجتمعية في دعم التنمية وبناء الاستقرار.
وقد أدارت الجلسة السيدة ريم غسان فيصل، باحثة ومدربة في بناء السلام والحرية في منظمة السلام والحرية ..
واختُتم المنتدى بإصدار “بيان نينوى للسلام والحق والعيش المشترك في العراق”، والذي عبّر عن التزام جميع المشاركين من شخصيات دينية، اجتماعية، وأكاديمية، بمواصلة العمل من أجل عراق أكثر عدلاً وتنوعًا وسلامًا.
بعدها تم توزيع الهدايا الرمزية على المشاركين، وسط اجواء مميزة وتنظيم رائع من جامعة الموصل نال اعجاب المشاركين، اقترن بالتأكيد على استمرار التواصل والتعاون من أجل ترسيخ ثقافة السلام في نينوى والعراق.
وفيما يلي نص بيان نينوى للسلام والحق والعيش المشترك في العراق
((إعلان نينوى))
من أجل السلام، والحوار، والعيش المشترك في نينوى - العراق
(صادر عن منتدى نينوى للحوار بين أتباع الأديان)
29 نيسان 2025
وثيقة إعلان منتدى نينوى الحواري*
المقدمة:
لطالما كانت نينوى مهداً تاريخياً للحضارات، وفسيفساء من المجتمعات المتنوعة ثقافياً وإثنياً ودينياً، ومثالاً للتعايش والتضامن المتبادل. رغم التحديات والمآسي التي خيمت على أراضيها في العقود الأخيرة، فإن روح شعبها الراسخة والتزامهم بالوحدة يُشكلان أساساً متيناً لإعادة بناء نينوى كرمز للسلام والشمول والازدهار.
نحن المشاركون في منتدى نينوى الحواري الذي انعقد للفترة من -29 - 28 نيسان 2025 في جامعة الموصل، بمشاركة ممثلين عن كافة المستويات الدينية والأمنية والأكاديمية والاجتماعية، وإيماناً منا بأهمية الحوار بين أتباع الأديان في تعزيز السلام والعيش المشترك، وبعد نقاش معمق حول التحديات والفرص المتاحة، نعلن عن التزامنا بالعمل بكل قوة لحماية وتعزيز قيم العيش المشترك في نينوى بين جميع مكوناتها. سنكون صفاً واحداً لمحاربة التطرف بجميع صوره، وسنسعى جاهدين للحفاظ على قيم السلام والكرامة والعيش المشترك، وسنعمل على استعادة هوية نينوى كمدينة للعلم والمعرفة، ومدينة للسلام والحوار، تَحْتَضن الجميع بعيداً عن التفرقة والصراعات. فجميعنا يجب أن نفتخر بتنوع نينوى لا أن نخاف منه.
واستلهاماً من التراث المشترك لنينوى، نقدم نحن المشاركون في منتدى نينوى الحواري هذا الإعلان كخارطة طريق لتعزيز العيش المشترك والتضامن بين مختلف المكونات الدينية في محافظة نينوى والعراق عموماً.
مبادئ الإعلان:
أولاً: الالتزام بالسلم والحوار من خلال:
1. تعزيز الحوار المفتوح والشامل بين جميع الطوائف والمجتمعات في نينوى والعراق، وسد الفجوات وتعزيز التفاهم المتبادل.
2. تشجيع التواصل على جميع المستويات، من المبادرات الشعبية إلى حوارات القيادات، لمعالجة المظالم الاجتماعية وبناء الثقة بين مختلف المكونات.
3. نبذ جميع أشكال العنف والكراهية والتطرف، مؤكدين أن الحوار البناء هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستدام.
4. رفض الكراهية والتطرف بكل أشكالها، والعمل على تعزيز قيم الاحترام المتبادل.
ثانياً: احترام التنوع والشمول من خلال:
1. تقبل التنوع الغني في نينوى والاحتفاء به كمصدر للقوة والوحدة.
2. ضمان تكافؤ الفرص والتمثيل لجميع المجتمعات المحلية بغض النظر عن الدين أو العرق أو الخلفية الثقافية.
3. خلق مساحات مستدامة للحوار بين الأديان والثقافات لتعزيز القيم المشتركة والرؤى الجماعية.
ثالثاً: احترام حقوق الإنسان والكرامة من خلال:
1. صون حقوق الإنسان وكرامة جميع المواطنين في نينوى والعراق.
2. معارضة جميع أشكال التمييز والتهميش، وضمان عدم استبعاد أي شخص على أساس معتقداته أو تراثه.
3. تمكين المرأة والشباب كمساهمين أساسيين في التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة.
المبادئ الأساسية:
أولاً: إعادة الإعمار والتنمية المستدامة من خلال:
1. الالتزام بإعادة بناء النسيج العمراني والاجتماعي لنينوى، وضمان ترميم بنيتها التحتية ومواقعها التاريخية.
2. الدعوة إلى فرص اقتصادية شاملة وعادلة، وتعزيز التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على جميع المجتمعات.
3. التعاون مع الشركاء الوطنيين والدوليين لتأمين الموارد اللازمة لإعادة الإعمار والمصالحة.
ثانياً: تعزيز التعليم والحفاظ على التراث الثقافي من خلال:
1. الاستثمار في التعليم لمكافحة الجهل وتعزيز التعايش من خلال مناهج تركز على القيم المشتركة واحترام التنوع الديني والثقافي.
2. الحفاظ على التراث الثقافي والديني لنينوى وحمايته كشاهد على أهميتها التاريخية ورمز للوحدة بين مكوناتها.
3. تشجيع الفنون والآداب والتبادل الثقافي كوسيلة لتوطيد الروابط الاجتماعية.
ثالثاً: تعزيز المواطنة والحوكمة من خلال:*
1. تعزيز مفهوم المواطنة الشاملة، وضمان المساواة في الحقوق والمسؤوليات للجميع.
2. بناء الثقة في الحكومة المحلية عبر الشفافية والمساءلة والتمثيل العادل لجميع المجتمعات.
3. الدعوة إلى إلغاء المصطلحات المثيرة للانقسام وتعزيز الوحدة في ظل المواطنة المتساوية.
رابعاً: تعزيز الحوكمة الرشيدة والمجتمع المدني من خلال:*
1. دعم المؤسسات المحلية التي تعمل على تعزيز الشفافية والعدالة.
2. تمكين المجتمع المدني ليكون شريكاً فعالاً في بناء نينوى الجديدة.
خامساً: دعم التعاون الدولي من خلال:*
1. السعي للحصول على دعم المنظمات الدولية لتعزيز جهود إعادة الإعمار والمصالحة والتنمية.
2. تشجيع المجتمع الدولي على اعتبار نينوى نموذجاً للتعايش المشترك، والاستثمار في إعادة إعمارها.
3. التمسك بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان كركيزة أساسية للعيش المشترك والعدالة الاجتماعية.
سادساً: دعم الشباب والنساء كعوامل للتغيير من خلال:*
1.
تمكين الشباب عبر التعليم والتوظيف وفرص القيادة لرسم مستقبل سلمي لنينوى.
2. دعم المشاركة الفعالة للمرأة في صنع القرار، والاعتراف بدورها الحيوي في بناء السلام والتنمية.
سابعاً: تشجيع المصالحة المجتمعية والعدالة من خلال:
1. تعزيز آليات العدالة الانتقالية لمعالجة المظالم وتضميد جراح النزاعات الماضية.
2. إطلاق مبادرات للمصالحة المحلية، وضمان استماعٍ للضحايا ودعمهم، ومحاسبة الجناة.
3. تعزيز ثقافة التسامح والتضامن كسبيل للتعافي المجتمعي.
ثامناً: الالتزام بالاستدامة البيئية من خلال:*
1. إدراك الترابط بين الاستدامة البيئية والاستقرار الاجتماعي.
2. الدعوة إلى ممارسات مستدامة في إعادة الإعمار، والحفاظ على موارد نينوى الطبيعية للأجيال القادمة.
---
الختام:
يمثل هذا الإعلان التزاماً جماعياً بإعادة بناء نينوى كأرض للسلام والعيش المشترك والتضامن. من خلال الالتزام بهذه المبادئ، نهدف إلى تكريم إرث نينوى المتناغم، وتمهيد الطريق لمستقبل يُحتفى فيه بالتنوع وتتجسد فيه الوحدة الوطنية. ندعو جميع العراقيين، قادةً ومنظمات، والمجتمع الدولي للانضمام إلينا في رحلة إعادة إعمار نينوى، وضمان عودتها رمزاً عالمياً للعيش المشترك والسلام والصمود.