Skip to main content

تقرير عن وضع المسيحيين في العراق للجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة الأمريكية

 

 

 زار وفد من الجمعية العراقية لحقوق الانسان في الولايات المتحدة الامريكية المحافظات العراقية التي يتواجد فيها الشعب المسيحي .. فبالاضافة الى العاصمة بغداد زار الوفد البصرة وسهل نينوى، ومحافظات اقليم كردستان، أربيل ودهوك والسليمانية.
وجاءت الزيارة بهدف الوقوف على حقيقة وضع هذا الشعب المهمش سياسيا ً واجتماعيا ً واقتصاديا ً، والمحارب بوجوده وبمعيشته وممتلكاته بسبب الهوية الدينية، حيث فشلت الاجهزة الامنية في حمايته من المتشددين والسلفيين والخارجين عن القانون، ولم تنجح في ايقاف عمليات القتل والخطف والطرد من اراضيهم وبيوتهم، وترحيلهم الى خارج العراق.
لقد كان عدد المسيحيين في العراق نهايات التسعينيات وحتى عام 2000 يقدر بحدود المليون ونصف المليون، ولكن، وبعد الاطاحة بحكومة صدام حسين في نيسان 2003 تعرض المسيحيون في العراق الى ارهاب منظم وتهميش متعمد من قبل الحكومة وعدم الاهتمام باماكن عبادتهم وأعمالهم فكانت هذه هي البوادر الاولى وراء معاناتهم، على الرغم من ان هذا الشعب المسالم والمحب للحرية لم يكن لديه، وعبر التاريخ، اي عداء مع اي طيف من أطياف الشعب العراقي.
فقد تعرضوا الى حالات من التعدي والى إجراءات تعسفية من قبل المتشددين في محافظة البصرة، وفي المناطق التي يسكنون فيها وهي .. حي الاندلس - جنينه - منطقة الباشا - العباسية - العشار - الحكيمية - طويسه - بريهه – الجزائر.
وكذلك في العاصمة بغداد في مناطق تجمعاتهم مثل، الدورةالسيدية - بغداد الجديدة – الغدير - البتاوين - المشتل - حي الامين - الكرادة – كمب سارة - شارع فلسطين – المنصور – والزعفرانية .. فكانوا يخيرون عبر مكبرات المساجد بين عدة مطالب منها ان يتركوا دينهم الى الاسلام او دفع الجزية بصفتهم كفار ، كما اجبرت نساءهم على ارتداء الحجاب، وبعدها بداءت مرحلة الخطف وهي التجارة المربحة التي اشتهرت في العراق، بالاضافة الى القتل والاعتداء على اماكن عملهم وخصوصياتهم، وعند ذهاب هؤلاء المواطنين الى مراكز الشرطة لتقديم الشكاوى كانت تسجل ضد مجهول ويغلق الملف.
هذه الامور شجعت المليشيات والارهابين، وبشكل منظم، على ارسال التهديدات الى المسيحين تطالبهم بالتخلي عن بيوتهم وبالقوة والا سيكون مصيرهم الموت، وبالفعل فقد نفذت تهديداتهم ضد عدد كبير منهم، فيما تعرضت العديد من الكنائس الى عمليات ارهابية تفجيرية تسببت بتدميرها وقتل العديد من المواطنين في كل مرة، كما تم خطف عدد من رجال دينهم منهم .. القس رعد وشان والقس باسل يلدو والقس سعد سيروب والقس دوكلص البازي والقس سامي عبد الاحد والقس هاني عبد الاحد والقس نوزت بطرس !! واطلق سراحهما فيما بعد، فيما أغتيل في بغداد القس يوسف عادل عبودي - راعي الكنيسة السريانية في بغداد - بمسدس كاتم للصوت بالقرب من منزلة وامام عائلته - بتاريخ 5 نيسان 2008، بالاضافة الى تصفية نخبة من شخصيات هذا الشعب منهم، العميد طلال كريم آيار – الذي قتل في بغداد – بتاريخ 23 5 2007، والعميد المتقاعد مؤيد قوقاب - وابنه الشاب - فراس مؤيد قوقاب - اللذان قتل في منطقة زيونة بغداد – في عام 2005 ، كما تم اغتيال الدكتور عماد سرسم اشهر اخصائي جراحة العظام في العراق وذلك في بغداد عام 2005، واختطف الدكتور حسام عامر شماس توما - من منزله - بتاريخ 16 / شباط / 2005 في بغداد - ووجد مخنوقاً - بتاريخ 29 / شباط / 2005، وقتل المهندس بثيو شمعون بثيو – في منطقة الدورة في بغداد - بتاريخ 24 2 2005، كما تم اطلاق الرصاص على المهندس أسحق هرمز إيشو وكان يشغل منصب مدير عام مطار بغداد الدولي من عام ٢٠٠٤، اذ اصيب بتاريخ 29 1 2007 بعيارات نارية امام داره في بغداد وسرقوا سيارته وتوفي بتاريخ 1 / 2 / 2007.
كما تم أغتيال الدكتور جوزيف فريدون بطرس – في محافظة بعقوبة – بتاريخ 14 10 2006، وأغتيل في محافظة البصرة المهندس صفاء البير يوسف – بتاريخ 4 7 2006، واستشهد الدكتور سرمد ساميفي البصرة ايضا ً بتاريخ 25 / 1 / 2004، وفي مدينة كركوك أغتيل العميد في الشرطة وائل يوسف البورة جي – بتاريخ 16 3 2005، والعقيد روميو ايشو داؤد – أغتيل في وسط مدينة كركوك بتاريخ 26 3 2004.
وبسبب هذه الظروف الارهابية اضطر الالف الى الهرب، ومغادرة بيوتهم متوجهين الى قرى سهل نينوى ومحافظات اقليم كردستان، والغالبية منهم الى خارج العراق لاسيما الى سوريا والاردن ولبنان وتركيا، واصبح العراق في مقدمة الدول الاكثر طلبا ً للجوء في العالم، والمتبقين وممن لا يمتلكون المال الكافي للهرب اضطروا للبقاء مجبرين، واصبحوا يعيشون في خوف دائم، والعديد منهم حرموا ابنائهم من التعليم بسبب الرعب والفوضى الموجودة في البلد وضعف القانون وافتعال المشاكل معهم.
وكان وفد الجمعية التقى بالمواطن ( سركون . ج . س ) وعمره 17 عاما يسكن منطقة البتاويين في جانب الرصافة من بغداد قال، ليسرد قصته فقال: كنت طالبا في المرحلة الابتدائية عندما حرمت من التعليم بسبب العنف وانعدام الامن، وان اهلي خافوا علي اذ وصلت المرحلة الى اننا كنا لا نخرج من بيوتنا، علما ً ان مدرستي لا تبعد سوى خمس دقائق بالسيارة من بيتنا.
كما تحدث المواطن ( جلال . ش . ع ) 48 عام، عن هروب ثلثي عوائل المسيحيين في كل شارع من احياء منطقة الدورة وهي كانت اكبر تجمع للمسيحيين في جانب الكرخ من بغداد وذلك بسبب القتل والتهديد والاعتداء المستمر عليهم.
وتحدثت السيدة ( سهيلة . د . ر ) 56 عام عن الظلم والتجاوزات التي تعرض لها المسيحيون في منطقة الدورة بقولها:
لم نستطيع الهرب كلنا لاننا لم نملك المال الكافي فلقد استطعنا تهريب ابني وبنتي الى سوريا فقط، ونحن لدينا هذا البيت الذي عرضناه للبيع ولكن لم يشتره احد، والا كنا قد هاجرنا بالمبلغ الذي طلبناه لو تم بيعه الى دول الجوار وتركنا العراق. 


وضع المسيحيين في محافظة نينوى

على مر التاريخ، تعتبر مدينة الموصل وتوابعها مركزا كبيرا لتجمع المسيحيين، ولديهم العديد من الاديرة والكنائس في هذه المحافظة ويسكنون مناطق، حي الزهور – الساعة – المجموعة – حي المثنى – حي السكر – الخزرجالميدان – القلعة – مسكينته – شارع فاروق – سوق شعرين – والحي العربي .
عند اندلاع أعمال العنف وتدهور الوضع الامني هجروا قسريا ً من بغداد والبصرة وتوجهوا الى مدينة الموصل بحثا ً عن الامن والاستقرار، لكن في الموصل تدهور الوضع اكثر من المتوقع لهم.
فلقد شن المتطرفون هجمات مستمرة وفي وضح النهار وامام انظار عناصر الشرطة وقوات الجيش والاجهزة الامنية الاخرى لانهم الاقوى في الشارع، فقتل المئات من المسيحين ولم يحاسب اي مجرم على جريمته وسط سكوت تام من قبل الحكومة المحلية التي تتحمل المسؤولية القانونية، والتي من اهم واجباتها حماية المواطنين في عموم المحافظة، مما شجع المجرمين لان لديهم اليقين التام بان القانون سوف لا يحاسبهم، والفتاوي الدينية تؤيدهم وتبارك لهم هذه الاعمال، فضربت الكنائس، وسبقتها الاعتداءات على الناس وعلى ممتلكاتهم واعمالهم وعدم احترام خصوصياتهم، ومن هذه الاعمال الارهابية :
خطف رئيس اساقفة ابرشية الموصل المطران بولس فرج رحو بتاريخ 29 / شباط / من عام 2008 وهو اكبر مرجع ديني للكنيسة الكاثوليكية في محافظة نينوى، وقتل ثلاثة ممن كانوا معه، وبقي مخطوفا ً قرابة اسبوعين والسلطات المحلية لم تتحرك بمستوى المسؤولية، وبتاريخ 13 / آذار / 2008 تم العثور على جثته مقتولا، كما سبقتها جرائم اخرى ضد رجال الدين المسيحيين حيث قتل القس رغيد عزيز متي كني من الكنيسة الكاثوليكية مع ثلاثة من الشمامسة بتاريخ 3 / حزيران / 2007، كما تم خطف القس بولص اسكندر بهنام من كنيسة السريان الارثوذكس، وقطع جسده الى اربع قطع وذلك بتاريخ 10 / كانون الاول / 2006، كما خطف القس منذر السقا من الكنيسة البروتستانية وقتل بتاريخ 11 / تشرين الثاني / 2006، وتم تصفية العديد من الوجهاء المسيحيين منهم القاضي اسماعيل يوسف صادق – نائب رئيس محكمة التمييز - أغتيل في الموصل – بتاريخ 4 11 2003
مما أضطرت هذه الاعمال الارهابية الى هرب ( 200 ) الف مواطن من محافظة نينوى وقتل فيها ( 450 ) شخصا ً، وهم اليوم منتشرون في محافظات الاقليم ودول الجوار ومنهم من وصل الى امريكا واوربا وكندا واستراليا.
وكان آخر عمل ارهابي تعرض له ابناء هذا الشعب بتاريخ 2 / آيار / 2010 عندما تعرض طلبة جامعيين من مدينة بغديدا الى هجوم متعمد على الباصات التي تقلهم الى جامعة الموصل فقتل المواطن رديف هاشم يوسف – والطالبة ساندي شبيب زهرة - وجرح 188 آخرين.
كما تقوم الحكومة المحلية في الموصل بين الحين والاخر بتوزيع الاراضي السكنية في قضاء الحمدانية وناحية برطلة وهما اكبر تجمع مسيحي في سهل نينوى الى مواطنين ليسوا من سكنة هتين المنطقتين دون الرجوع الى مسقط الراس وذلك في سبيل تغيير ديموغرافية هذه المناطق، بالاضافة الى اهمال واضح في الخدمات الاساسية لمناطق سكناهم من ضمنها المدارس، والاقصاء المتعمد من الوظائف، والبطالة منتشرة بصورة غير طبيعية في مناطقهم، كقضاء تلكيف والحمدانية وبرطلة والقوش وكرمليس وتللسقف باطنايا وباقوفا، ومحاولة فرض الشعائر الدينية وعدم احترام خصوصية هذا المكون، ولقد وصل عدد هذه الاراضي الموزعة الى اكثر من 2000 قطعة ارض.
وتحدث المواطن ( ح . ع . ق ) 37 سنة من ناحية برطلة عن المضايفات التي يتعرض لها المسيحيون في هذه المنطقة لا سيما في المناسبات الدينية والقومية .. اضافة ً الى انعدام فرص المساواة في الوظائف الحكومية .. فترى في صفوفنا عدد كبير من العاطلين عن العمل.
وتحدث المواطن ( ج . س . ك ) 48 عام من باطنايا ويعمل في الاشغال الحرة عن صعوبة الذهاب الى الموصل التي تبعد عشر دقائق منهم خوفا ً من القتل.
اما المواطن ( ف . ت . ن ) 35 سنة من قضاء تلكيف فيقول ان مناطقنا مهملة .. والخدمات ضعيفة واغلبنا عاطلين عن العمل ومصيرنا مجهول.
وتحدث الدكتور ( و . ج . ث ) من اهالي الموصل 56 سنة عن استحالة العمل والعيش للكفاءات المسيحية في الموصل .. لهذا نحن هنا في اربيل ، وفي حال وجود اي فرصة سوف اهاجر الى خارج العراق مع باقي افراد عائلتي.




وضع المسيحيين في اقليم كردستان العراق

المتواجدون داخل اراضي الاقليم ينقسمون الى ثلاثة اقسام، الاول وهم السكان الدائميين في مناطقهم وقراهم، وهذه المجموعة لديهم وظائف جيدة واشغال ثابتة، وان الاراضي الزراعية كانوا قد ورثوها من ابائهم واجدادهم، وهم يمارسون طقوسهم الدينية بكل حرية، ولديهم مدارسهم الخاصة بهم يدرسون بها لغتهم، ولديهم مراكز ثقافية واجتماعية ورياضية ، والسلطات تحترم خصوصيتهم وتقدم لهم العديد من الدعم والتسهيلات اللازمة، ولم تسجل اي اعمال عنف او قتل ضد اي مواطن مسيحي بسبب الدين او القومية في اراضي الاقليم منذ عام 2003 ولحد الان.
النوع الثاني، وهم الذين تلقوا التهديدات او الذين خطفوا واطلق سراحهم بالاضافة الى الذين فقدوا وظائفهم .
النوع الثالث، وهم الذين هربوا الى دول الجوار ولم يوفقوا بالوصول الى دول اوربا، او من الذين تم رفض قبولهم في مكاتب الامم المتحدة، ونفذ مالهم فاضطروا الى الرجوع الى العراق والتوجه الى محافظتي اربيل ودهوك والسكن فيها.
ولقد سعت حكومة الاقليم وباسناد من الوزير ( سركيس آغا جان ) وزير المالية الاسبق في حكومة الاقليم الى بناء الالاف من الدور والشقق السكنية في سهل نينوى وبقية مناطق الاقليم، بالاضافة الى توزيع آلاف الاراضي على المسيحيين في محافظة اربيل في مناطق عديدة مثل عينكاوا وشقلاوة وعموم محافظة دهوك.
كما ان السيد سركيس اغا جان يقدم لالاف العوائل النازحة الى سهل نينوى وأقليم كردستان، المساعدات المالية والعينية المناسبة شهريا ً.
وكان وفد الجمعية زار محافظة كربلاء المقدسة لايصال معاناة المسيحيين الى مراجع الدين وطلب الدعم الكامل لهم، فالتقى الوفد بسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي وسماحة السيد احمد الصافي، ممثلا المرجع الشيعي الاعلى سماحة الامام السيد علي السيستاني وطالبهم باصدار فتاوى تحرم الاعتداء على حقوق ومعتقدات المسيحيين.
كما التقت الجمعية بعدد كبير من المسؤولين في حكومة الاقليم وفي مقدمتهم رئيس برلمان أقليم كردستان الدكتور كمال كركوكلي ووزير الداخلية ووزير البلديات ومسؤول دائرة العلاقات الخارجية في رئاسة الوزراء، ورئيس ديوان رئاسة الاقليم، ومحافظ اربيل، ومحافظ دهوك .. وقد دعتهم الى ابداء المزيد من الرعاية والاهتمام بابناء هذا الشعب.
أننا نطالب الحكومة العراقية المؤقرة في حال انها جادة بحماية المسيحين، والمحافظة عليهم من خلال سن قوانيين دستورية فعلية تؤكد على احترام هذا الشعب كما ان عليها ان تسعى الى اعداد دراسات ووضع الية عمل جديدة تطمئن هذا المكون على كونها حريصة على وجودهم، وتحميهم من اي معتدي، علما ً ان الحكومة وكل المسؤولين في الدولة ورجال الدين يدعون بأنهم مع المسيحين في معاناتهم ويستنكرون الظلم الذي لحق بهم لكن الادعاء شئ والواقع شئ آخر.
كما يجب على الحكومة الفيدرالية المركزية في بغداد الى تبادر الى مقاضاة المسؤولين الامنيين والمحافظين الذين كانوا مسؤولين عن محافظات البصرة وبغداد ونينوى وكركوك منذ عام 2003 ولحد الان وتقديمهم الى القضاء العراقي، لانهم يتحملون المسؤولية القانونية لحماية المواطنين المسيحيين في اراضيهم والذين تعرضوا الى قتل وتهجير جماعي متعمد. واليوم لم يبقى منهم سوى ( 450.000 ) اربع مائة وخمسون الف فقط.
وفي حال عدم امكانية قيام الحكومة بواجبها القانوني والشرعي بسبب المحاصصة والمحسوبية، فيجب ان يحال هذا الملف الى المجتمع الدولي لارسال لجنة خاصة لتحقيق ومعرفة الاسباب الحقيقية وراء معاناة الشعب المسيحي في العراق ومن يقف وراها.
اما الذين انتشروا في دول الجوار ودول العالم الاخرى ومن وصل منهم الى دول مانحة اللجوء فان اوضاعهم افضل نسبيا ممن هم لم يحصلوا على اللجوء، اما الباقي فلا زالوا يتعرضون للمضايقات في موضوع الاقامة وحرمان اولادهم من الدخول في المدارس الحكومية المجانية بالاضافة الى انعدام العلاج الصحي المجاني، وهم في عوز مالي مستمر، والشعور بالضياع والخوف من المجهول وظروفهم صعبة وقاهرة، بعد ا