Skip to main content

كلمة رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان في مؤتمرالحمدانية

كلمة رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان في مؤتمرالحمدانية (بغديدا) حول تعزيز وضمان حقوق الاقليات والاولويات والاليات االلازمة لتحقيق ذلك والمنعقد بتاريخ 26 حزيران 2010

تحت شعار"استقرار العراق مرهون بضمان حقوق اقلياته"

أيها الحضور الكرام.

 

السلام عليكم...

بداية أود أن أشكركم جميعاً على حضوركم  ، خاصة ان الكثير منكم تجشم عناء السفر من مناطق ومدن بعيدة، نقيم ونثمن تلبيتكم دعوة منظمة حمورابي لحقوق الانسان ومنظمة التضامن المسيحي الدولية، لبحث واقع ومستقبل المكونات الصغيرة (الاقليات) بغية السعي لتحديد الاهداف الاولوية ، التي تهم هذه المكونات، وايجاد الآليات والادوات المناسبة لتحقيقها من أجل تطوير واقعها وأوضاعها ومستقبلها.

في الحقيقة أنه لشرف كبير لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان أن تجمع اليوم في مدينة الحمدانية (بغديدا) النينوية، وفي أرض نمرود ودور شاروكين (خرسباد ) وكالح، خيرة ونخبة أبناء العراق من المكونات الصغيرة من اصحاب الفكر والثقافة، رجال دين ودنيا، مناضلين وقادة مؤسسات المجتمع المدني من كلدان سريان اشوريين ، ارمن ، ايزيديين ، شبك ، صابئة ،وغيرهم ، لبحث أوضاعهم ومستقبل وجودهم وتطلعاتهم نحو المستقبل.

أيها الاخوة.

أن هذا المؤتمر هو الثاني من نوعه ، يأتي تواصلاً واستمراراً للحوارات والنقاشات والمواضيع التي طرحت في مؤتمر بغداد في كانون الاول 2009، حول الوجود المسيحي في العراق ومستقبل الاقليات الأخرى، والذي كان برعاية فخامة نائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي. لكن هذا المؤتمر سيكرس أعماله لتحديد الاهداف والاولويات الضرورية لتعزيز وجود الاقليات في العراق والآليات اللازمة لتحقيق ذلك وضمان مطاليبهم السياسية والادارية والثقافية والاجتماعية واللغوية، ولرفع قدرات (الاقليات) للمساهمة بشكل أكبر في صنع القرارات، وكذلك زيادة قدرتهم على التأثير في التشريعات المتعلقة بهم وتجاوز التحديات التي يواجهونها في ظل تشكيل كيان دولة العراق الجديد، وبمعنى اخر ، سنبحث ونفتش عن الطرق والوسائل التي تقودنا الى الحلول وتحسين الاوضاع.

أيتها الاخوات أيها الاخوة.

ينبغي أن ندرك أن مطالبتنا بحقوقنا ومواجهتنا للغبن والاجحاف الذي قد يحصل هنا وهناك بحقنا لايقلل من شأننا ولا من وطنيتنا ولامن انتمائنا وولائنا لهذا الوطن أبدا ، بل أن ذلك يعد ابسط عمل نقوم به ، تلبية واستجابة لنداء الضمير ونداء الحق ، ذلك الحق الذي يجب أن يصان ويضمن وفق اسس ومعايير وطنية ، لأننا  لانطلب أكثر من حقنا وهذا الحق ليس منّة تمنح لنا بقدر ماهي واجب وفرض على الآخرين أصحاب الاغلبية ، طالما يدعوون بأنهم يريدون بلداً حراً ديمقراطياً متوازناً ، يسمو فيه الحق وتحقق فيه العدالة ودولة القانون.

واجبنا ، أن لانتوانى في الدفاع عن حقوقنا لابل ينبغي النضال والكفاح من اجل حقوقنا، الكفاح الذي لا تفوح منه رائحة الدم والبارود ، بل تستخدم فيه  اسلحة من طراز آخر ، اسلحة أكثر تطورا ، لا بل أمضى وأكثر فتكا من غيرها ...  الاسلحة التي لا يستخدمها غير ابناء الحضارات الراقية  ، فهي التي تنطوي على لغة الحوار والمحبة والسلام ،  وبمعنى آخر ان معركتنا من اجل الحقوق لابد ان تكون  معركة حضارية ومطالبتنا بحقوقنا تقوم على استخدام أرقى الوسائل السلمية المقرونة بفيض المحبة ، محبة الآخر من أجل الوصول الى أقصى درجات الاقناع والادراك للمصالح العليا للوطن وسبل أستقراره وتطوره.

أيتها الأخوات أيها الاخوة

هجرتنا لا بل هروبنا من الوطن ،تهربنا من المشاكل والضغوطات التي نواجهها يوميا بسبب تمايزنا الديني او العرقي او الثقافي واللغوي ، ليست الحل ابدا ، بل ان الحل يكمن في صمودنا والتصدي للمشكلة ومحاولة ايجاد الحلول لها ، بروح مليئة بالصبر والايمان بالتغيير . وجودنا يتجسد بثباتنا في أرضنا ، ونضالنا من اجل التغيير وقلب الموازين لصالح حقوقنا المشروعة .

نعترف اليوم بأن وجودنا مهدد ، عدد المسيحيين اليوم في العراق لا يتجاوز 700 ألف بعد ان كان أكثر من مليون واربعمئة الف في عام 2003 ، احصاءات منظمتنا تشير الى ان اكثر من 800 شخص مسيحي طالتهم ايادي الارهاب ، وبضمنهم اثني عشر رجل دين ، بين مطران وكاهن وشماس ، 51 كنيسة استهدفت وتعرضت الى التفجير والاعتداء ، أكثر من 5000 شخص تعرض الى الاختطاف اغلبهم جرى تعذيبهم الى ان تم تحريرهم مقابل دفع فدية ، ثم جاء ملف استهداف طلبة جامعة الموصل ، وتفجير باصات نقلهم وقتل واصابة العشرات منهم . كل هذه العمليات دفعت أعدادا كبيرة لمغادرة البلد ، وتهجيرالنسبة الاكبر من المتبقين داخليا ، خاصة في البصرة ، والموصل ، ومناطق مختلفة من بغداد ، اضافة الى غيرها من المحافظات العراقية ، فنزيف الهجرة لا يزال مستمرا ، وحسب تقديراتنا هنالك بمعدل عشرة عوائل مسيحية تغادر الوطن يوميا .

مئات الايزيديين قتلوا ظلما في بغداد ومناطق متفرقة من العراق ، من بينهم أكثر من 500 شخص لقى حتفه في تفجيرات القحطانية . المئات من المواطنين الشبك هجروا من الموصل ، والعشرات قتلوا لا لذنب اقترفوه ، وتفجيرات بلدة خزنة وما لحق من دمار خير شاهد على ذلك . اما الصابئة المندائيون فكان مصابهم اشد واعمق ، فلم يبقى منهم في العراق سوى بضعة آلاف بعد ان كان عددهم يصل الى عشرات الالاف بعد سبع سنوات ، فاعمال القتل لا تزال تطالهم في كل حين وكان اخرها قتل الصاغة في البصرة وبغداد .  وفي اطار هذا الواقع ، نجتمع اليوم لبحث واقعنا وأوضاعنا ، ومستقبل وجودنا، ولكي تكون نقاشاتنا جدية وموضوعية ، لا يكفي ان نسرد مشاكلنا فقط ، بل ينبغي  ان نحددها ، ونقترح لها الحلول،ونضع  المعالجات والبدائل ، ان نعمل جميعا مسيحيين ايزيديين صابئة وشبك ، كلدان اشوريين سريان ، على القواسم والمشتركات ، لأننا بشكل أو بآخر ، نواجه واقعا ومصيرا مشتركين .

ينبغي أن لا نتردد أو نخجل أو نخشى ، عندما نطرح قضايانا ... اذ ليس فينا ما يخدش وطنيتنا أو اخلاصنا أو ولاءنا لوطننا العراق ، لا بل يكفينا فخرا بأننا لم نكن يوما أداة مشكلة أو حجر عثرة في طريق تقدم بلدنا ، نعتز بأننا كنا البناة الحقيقيين لهذا البلد منذ فجر البشرية ، ونؤكد بأننا نبذنا الانخراط في أعمال العنف والقتل والاختطاف ، ولم نرفع السلاح بوجه غيرنا من ابناء بلدنا ، في الوقت الذي كنا فيه نقتل ونذبح على الهوية .

اذن ، لماذا نتردد ونخجل من المطالبة بحقوقنا ، طالما يغمرنا دوما الحب الشامل للعراق ، وعطاؤنا لا ينضب لكل العراقيين بدون تمييز . وعلى هذا الاساس ، ان نضالنا من أجل الوجود والبقاء يجب ان يستمر ، لأجل الانتصار لقيمنا الحضارية والانسانية ، قيم محبة الآخر ، والتعايش السلمي ، وزرع السلام ونبذ الضغائن والاحقاد بين ابناء الوطن الواحد، تلك القيم التي يجب ان تسود العراق ،من اجل ان يستعيد وجهه الحضاري .

ختاما: نتقدم بالشكر الجزيل اليكم جميعا ، والشكر والتقدير بشكل خاص الى راعي هذا المؤتمر ، سيادة محافظ نينوى ، الاستاذ أثيل النجيفي المحترم ... شكر خاص الى منظمة التضامن المسيحي الدولية ، لتعاونها ودعمها لمنظمتنا ، من أجل تحقيق هذا المؤتمر .

تمنياتنا لكم بالموفقية والنجاح .

وليم وردا

رئيس منظمة حمورابي لحقوق الانسان

سهل نينوى في26 حزيران 2010