Skip to main content

ملح الارض … دمتم ودامت ايامنا اعياداً بكم

 

فوزي الاتروشي

وكيل وزارة الثقافة والسياحة والاثار

شئ مؤسف ويدمي القلب ويجرح الى حد طعن العظم ما اثاره كل من الشيخ مهدي الصميدعي و رئيس الوقف الشيعي من زوبعة انتقاد لاعياد الميلاد ورأس السنة دون مبرر او سبب او ذريعة في وقت يستحق شعبنا ان يوظف العيد لمزيد من التماسك والفرح والتناغم , بعد ان زرع الارهاب ما شاء من عوامل التفرقة والظغينة بين ابناء وطن اشتهر بأنه وطن ومرجع الاديان والحضارات والتعددية الاثنية والدينية والطائفية .

لن نحاججهما فقهياً ولا علمياً ولا فكرياً لانهما دخلا كما يبدو الى صومعة الانغلاق والجمود والتحنط الفكري العقائدي كما هو حال و ديدن الكثير من رجال الدين في الوقت الراهن فهم يتنفسون ويعيشون في الماضي السحيق ولا يتقبلون هواء العصر ورياحه التي تعصف بكل ما هو بالي ومتخلف ورجعي .

عيد الميلاد ورأس السنة احد تواريخ اجماع البشرية التي تحتفل بها اما من منطلق ديني او انساني او عاطفي وفي النهاية فأنها مهرجان فرح عالمي وخروج عن عباءة الحزن والانكفاء على الذات , والتلاحم والتراحم والتصافح والتعانق على بساط من الحب والالفة بعيداً عن رائحة الازمات والحروب وعوامل الدمار فما العيب في ذلك وكل البشرية اصلا تستخدم التاريخ الميلادي طوال السنة وتجمع على ان هذا التقويم هو الصحيح والمنطبق على توالي الايام والشهور والسنين بشكل اكثر ملائمة من اي تقويم اخر . 

ان اعياد رأس السنة لم تعد عيداً للمسيحيين حصراً , وانما عيداً للبشرية جمعاء , وهي حتما ً تقتضي تبادل الهدايا والتحايا والاحتفال والتزاور والرقص والغناء وتبادل المعايدات ورسائل التهنئة من اجل عام جديد يكون عام سلام ومحبة للجميع فأين مظاهر المجون والعربدة التي يتكلمان  عنها في توقيت غريب يراد منه زرع الفتنة والشقاق بين ابناء الوطن الواحد الذي يشكل المسيحييون فيه جذراً تاريخياً وفكرياً وحضارياً مهماً جداً للشعب العراقي , بل انهم كما يقال دوماً ملح هذه الارض منذ اكثر من الفي عام . ثم ماذا تعني هذه الدعوات سوى الانضمام شئنا ام ابينا الى مرامي واهداف المتطرفين والارهابيين الذين لجأوا الى تحريم هذه الاعياد وشنوا حملات ابادة على المسيحيين والايزيديين والصابئة لانتزاعهم من هذه الارض التي لايمكن ان تكون حكراً على قومية واحدة او لغة واحدة او دين واحد مهما حاول اعداء الحضارة والتاريخ للانفراد بالقوة والسلطة .

اننا في عيد الميلاد ورأس السنة نحمل في قلوبنا مثل الملايين من ابناء العراق كل الحب والتقدير لاخوتنا في الوطن من المسيحيين ونشاركهم الافراح ونحتفل معهم كجزء منا لايمكن ان يفرح لوحده دون تضامن منا جميعاً, وهنا نذكر الشيخ الصميدعي والسيد  رئيس الوقف الشيعي بعدد الآيات القرآنية التي ورد فيها اسم السيد المسيح وامه الطاهرة (مريم العذراء) مقرونا ً بالمدح والاطراء والتقدير في اشارة الى مكانة هذا الرسول الذي ارتبط اسمه دوماً بالتسامح والسلام ونكران الذات والتضحية من اجل الاخرين . فهو يستحق حب البشرية جمعاء وديننا لايمكن ان يكون سداً امام حب هؤلاء الرسل . 

30/12/2018